من طرف المؤسس الجمعة 03 يونيو 2011, 15:29بسم الله الرحمن الرحيم
إنني أحمد الله عز وجل أن عثرت على هذا الموقع المبارك أخيراً، وقد حدثني عنه أحد الإخوة الإعلاميين المشارقة.. لكنني لم أكن أعرفه من قبل، وكنت أتمنى وجوده! وما عثرت عليه في الأنترنيت إلا بعد جهد طويل! فحتى محرك جوجل ما كان يُطلع الموقع في بداية الأمر.. ولكنني بحمد الله أخيراً وصلت!
أبدأ مشاركتي الأولى بالتعريف بقبيلة أنصارية بالمغرب الأقصى ما وجدت أحدا عرف بها! وهي قبيلة " بَحَائِر الأَنْصَارِ"، التي أنتمي إليها. وهي قبيلة خزرجية تقطن بمنطقة سجلماسة التاريخية الشهيرة، جنوب شرقي المغرب على حدود الجزائر. وسجلماسة تسمى اليوم "تافيلالت". وهي من أجمل واحات النخيل في العالم بلا منازع! تتخللها جبال صغيرة، وتحيطها تلال رملية كبيرة ذات منظر خلاب! وتجري تحتها سواقي رقراقة تسمى بالخطارات. ولذلك فهي مقصودة بالسياح من كل مكان! وتقسيمها الإداري تابع لإقليم الرشيدية. وقراها الصغيرة تسمى القصور. وإنما هي عبارة عن حصون مستطيلة الشكل مبنية بالطين. ومنها قصر بحائر الأنصار. وأنصار البحائر بسجلماسة عرب أصلاء، ما يزالون يتكلون بلهجة عربية هي من أقرب اللهجات إلى الفصحى الأم! بل إنني أجد في قاموسها الشفوي من الكلمات العربية التي تعتبر اليوم من الغريب! ومما لا يفهم في الفصحى إلا بعد الرجوع إلى المعاجم القديمة! وكما أن أنصار البحائر يتميزون بالكرم والشهامة، والاشتغال بالعلوم الشرعية. كما اشتغلوا بفلاحة الواحات وغرس النخيل، تماما كأجدادهم في المدينة المنورة. ولذلك سمي قصرهم في سجلماسة بالبحائر، والبَحَائِرُ: جمع بحيرة، وهي: مزرعة صغيرة للفواكه الأرضية كالبطيخ بأنواعه، والقثاء، وبعض الخضروات كالباذنجان، والقرع بأنواعه، والملوخية المغربية "الباميا". وسميت البحيرة بذلك اشتقاقا من البَحْرِ وهو فعل الشَّق. تقول بَحَرَ الأرضَ إذا شقها بالمحراث. وبَحَرَ الناقةَ: إذا شق أذنها، وهي البحيرة المذكورة في القرآن. أما بحيرة الفلاحة فهي أرض منخفضة تُشَق بطريقة خاصة ذات خطوط ملتوية لتيسير السقي.
وقد اشتهر من أنصار سجلماسة الشيخ الهاشمي القاضي مفتي تافيلالت قبل أكثر من قرن من الزمان. وكان يقطن بالقصر الفوقاني. لأن قصر البحائر قد أتى عليه حادث من الكوارث الطبيعية فدمره قبل عدة قرون، وما تزال أطلاله قائمة إلى الآن! قيل دمره فيضان نهر "زيز" الذي يعبر واحة تافيلات، ثم يصب في الصحراء الكبرى. وفيضاناته مروعة فعلاً! فقد شهدت شخصيا فيضانه سنة 1965م، وكان قد أتى على كثير من القصور والقرى ما بين منطقة أوفوس، ومدينتي أرفود، والريصاني، فتسبب في خسارة تاريخية معروفة لدى أهل المنطقة!
وعندما سقط قصر بحائر الأنصار تفرقت القبيلة الأنصارية بين قصور تافيلالت، فسكن بعضهم قريبا في قصور السفالات، وأخرون في قصور الغرفة وآخرون في القصر الفوقاني. بينما أَبْعَدَ آخرون إلى قصور أوفوس والرشيدية. وكلها قصور منضوية تحت مسمى إقليم تافيلات على العموم.
وبحائر الأنصار كانوا يحتفظون بنسبهم الخزرجي ويتناقلون ذلك شفويا. وكان لهم وما يزال احترام بين أهل سجلماسة من إخوانهم قبائل عرب صباح، والشرفاء العلويين، وقبائل الأمازيغ: "البربر". كلهم كانوا يقدرون الأنصار ويعترفون لهم بالفضل.
وكثير من أبناء الأنصار الآن قد هاجروا إلى المدن المغربية الكبرى؛ بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة لعدة عقود، قبل أن يحييها الله من جديد في السنوات الأخيرة. كما هاجر الكثير منهم بسبب الدراسة العليا فاستوطنوا المدن الكبرى للمغرب مثل الرباط والدار البيضاء وفاس ومكناس. ومع ذلك ما تزال تافيلالت أو سجلماسة تحتفظ بكثير من الأسر الأنصارية الأصيلة. إلا أن المشكل التاريخي القائم هو جهل الجهة التي جاؤوا منها! هل هم من خزرج الأندلس الذين غادروها بعد السقوط؟ أم هم من خزرج الصحراء الكبرى؟ أم هم من أبناء الأنصار الذين دخلوا المغرب منذ الفتح الإسلامي؟ ذلك ما لم نزل نبحث عنه؟
وإنني أتوجه شخصيا إلى الباحث القدير الأستاذ مرتضى الأنصاري أن يجعل قبيلة بحائر الأنصار المغربية ضمن اهتمامه؛ فلعل الله أن يفتح لنا على يديه بعلم جديد، ينفعنا في صلة أرحامنا! والله يجزيه عنا الجزاء الأوفى!
والسلام على إخواننا الأنصار في كل مكان!
وكتبه عبد ربه راجي عفوه وغفرانه: فريد الأنصاري الخزرجي السجلماسي.
